بسم الله الرحمن الرحيم

نشرة الانتفاضة. العدد (306) –19 ربيع الثاني 1420هـ / 2 اغسطس 1999 . من اصدارات الجبهة الاسلامية لتحرير البحرين

 المنبر

بيان الجبهة الإسلامية .. تعليقاً على الإفراج عن الشيخ  الجمري(2)

المسيرة لا تتوقف ..

 إن الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين عندما رفعت راية الجهاد والمقاومة والتحرير كانت تعرف بأن الطريق شائك ووعر مليء بالآلام والمصاعب، حيث يقول جل من قائل : "وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين" فلذلك كان صبر وصمود الرواد من الطلائع الرسالية على الرغم من مرارة السجن وقسوته، إلا انهم لم يمنحوا الحكم الفاسد تذوق طعم الانتصار والتشفي، لقد كانوا شوكة في حلقه وهم مكبلين بأصفاد الأسر وهذه هي طبيعة الأباة الأحرار.

يا اخوة الجهاد والثورة..

إن المسيرة لا تتوقف عند حد اعتقال رمز معارض ثم الإفراج عنه بعفو مشفوع بجملة من التعهدات المقيدة لنشاطه، بل إن ذلك يدعونا لوقفة تأمل ومراجعة ودراسة لأحداث الفترة الماضية، وتداعياتها بتجرد وموضوعية للخروج بتقييم موضوعي واضح، ووضع تصور سليم يستند إلى إرادة حرة وواعية، تضع مصلحة الشعب والوطن فوق أي اعتبار آخر.

إن المسؤولية هنا يتحملها كل مواطن حر شريف وغيور على دينه وشعبه ووطنه، لقد رأينا بأم أعيننا المصير الذي تجرنا إليه هذه السلطة الغاشمة، فهي لم تتورع عن اقتراف الجرائم بحق الشعب المجاهد، وقتل النفس المحترمة، وانتهاك الحرمات والتعدي على الحقوق، وإشاعة التمييز والقهر والتفريط بالوطن والشعب وبمستقبله، كل ذلك من اجل الحفاظ على استمرارها في هيمنتها وتسلطها بأي ثمن كان.

إن المشهد الذي رأيناه جميعاً عبر التلفزيون يوم الإفراج عن الشيخ الجمري هو التعبير الحقيقي عن وجه هذه العائلة القبيح وهذه هي المشاعر الحقيقية التي تكنها لشعب البحرين، ولكن الأدهى من ذلك هو هذا الإصرار العقيم على نهج أوصلنا إلى هذه النتيجة المؤلمة والمقززة، من تقبيل (الخشوم) والجباه لقاتلي شعبنا.

عليكم أن تعوا بأن مطلب الدستور يعني تثبيت شرعية هذا النهج الحاقد على شعب البحرين، وإطلاق يدهم من دون رادع، إن المطالبة بتطبيق دستور (1973) هو خطأ استراتيجي قاتل، يلبي طموح العائلة القاتلة، وهو بمثابة احتياطي لنهجها السياسي المعادي لشعبنا.

إن القضايا المرتبطة بمصير الشعب والوطن لا تحتمل التأويل القائم على العواطف ولا يمكن التعويل على الأماني، وخطورة الوضع تستدعي أن نقف وقفة جدية واتخاذ قرار شجاع مبني على الحقائق والوقائع بعيداً عن تصورات تتداخل فيها العواطف والأوهام والإشاعات التي سادت إلى فترة غير قصيرة مما جعلها تقليد سياسي اجتماعي استفادت منه السلطة الغاشمة لتمرير مخططاتها وضرب الحركة الشعبية.

أيها الاخوة المجاهدون..

إن سماحة الشيخ الجمري ليس في وضع يمكنه من قول كلمته حول الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي نعيشها، والسلطة الحاقدة تحاول أن تستغل الإفراج عنه بهذه الصورة المهينة لتنفيذ مخططها في الإجهاز على جذوة المقاومة في شعب البحرين.

لذا ينبغي علينا عدم الركون إلى التصورات التي لا تستند إلى الواقع ونبني عليها آمال تقودنا إلى الضياع، إن الأوضاع الحالية تتطلب منا اليقظة والحذر والتحرك السريع لتطويق مخطط السلطة الغادر، ومواجهته في بدايته قبل أن تبدأ السلطة بتنفيذه، فإذا كانت في المرة السابقة قد تمكنت من إيقاف زخم الانتفاضة ووقف التظاهرات الجماهيرية عبر ما سمي حينها بأنه (مبادرة) ورأينا كيف أنها لم تكن اكثر من مؤامرة، استطاعت من خلالها تنفيذ مخططها الإجرامي، فإننا نحذر شعبنا من مغبة الإنجرار في هذا المخطط المشبوه، وإذا كنا نقدر كل العواطف النبيلة التي يكنها الشعب المجاهد لسماحة الشيخ الجمري، إلا أن علينا معرفة الحقيقة المرة والمأساة التي يمكن أن تحل بنا جراء الاندفاع في تغليب العواطف على العقل والتفكير السليم.

بصراحة

الكلمة للجماهير

في البداية يجب ان يفرق الجميع بين المواقف الشخصية والثورة .. ففي البحرين ثورة لا شك فيها ولا ريب .. ثورة تطالب باجتثاث جذور الظلم وتحقيق العدالة والمساواة، ولن نقبل ان يدفعنا أحد سواء من الأصدقاء والأعداء بأن نغير موقفنا من سلطة آل خليفة او ان نخوض حرباً كلامية مع أخوة لنا في الجهاد حول ما جرى للشيخ الجمري، لأن الهدف من المشهد التلفزيوني المهين هو إشاعة الفرقة والتناحر بين الشعب من أجل إخماد شعلة الانتفاضة في النفوس المؤمنة الثائرة، ومن جهة اخرى رسالة موجهة إلى كل من يحاول ان يرفع رأسه لقيادة الأمة ومواجهة سلطة آل خليفة الظالمة.

ولكن هذا الحدث ورغم قساوته على نفوسنا وخاصة على تلك الطليعة التي تقود المسيرة فانه فيه الموعظة وفتح للعيون والآذان، وللعقل ان يفكر بعيداً عن العواطف حينما يريد الاختيار وحول من يجب ان يلتف.

وهنا لا نريد ان نقلل من شخصية الشيخ الجمري ولكن الذي وقع صدمة كبيرة للكثير من أبناء الشعب الذي بنى آماله على هذه الشخصية ورفع الشعارات من أجل إطلاق سراحه، ولكن تلك الآمال تناثرت تحت أقدام آل خليفة فكانت الفاجعة اعظم من التصور..

ولا نريد هنا ان نكيل للشيخ الجمري التهم فهو أولى بنفسه من غيره .. ولكن التاريخ الجهادي للثوار يحكي الكثير من المواقف البطولية لرجال الثورة والتغيير الذين وقفوا أمام الطغاة بصلابة وفضلوا السجون ودهاليز الطغاة ومنهم من اعتلى المشانق ونُحَر صدره برصاصهم الغادر بدل الخنوع والاعتذار لمن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء ..

وهنا نقول للشعب بأن الثورة ملكه ولا يحق لأحد ان يفرض وصايته مهما كانت منزلته وشخصية .. فالكلمة الأخيرة للجماهير كما كانت هي الأولى ، وفي الوقت القريب سيرى آل خليفة نتائج طغيانهم وغرورهم ومحاولاتهم الفاشلة في إذلال الأمة .. وان ما فعلته السلطة مع الشيخ الجمري يجب أن لا يكون إلا دافعاً و محفزاً للعمل والجهاد وليس للتخاذل والجلوس والتفرج والاكتفاء بالكلام والتحليل لما حدث، فشعبنا لا يعرف الذل والهوان. وتاريخنا وبفضل دماء الشهداء الأبرار ذو شرف و آصالة .. فإن فرحوا بجولتهم هذه فللحق صوله وسيرون كيف انهم المذنبون والمرفوضون  مهما فعلوا ونكلوا )فإن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب(.

إلى الطليعة

المجاهدون والاستقامة

إن المؤمن المجاهد الصابر هو وحده القادر على كسب نصر الله ونيل رضوانه وهذا ما سجله الله سبحانه لأنبيائه حين جعلهم في مئازق مميته، يستخرج بها الضعف البشري من نفوسهم )ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم(.

والفتنة أمر وضعه الله سبحانه أمام كل مجاهد والذي يقدر على الصبر وعدم الانحراف هو وحده الذي ينال رضوان الله سبحانه، والصبر وحده لا ينفع ان لم يكن على المبدأ المرسوم مسبقاً.

ان الفرد الذي يتقلب في مسيره ويترك الالتزام على خط واحد لا يمكن ان يقال له مستقيماً.

فالمجاهد هو الذي يستقيم على مبدأه الذي رسم له ولا يحيد عنه قيد شعرة وهؤلاء هم الذين وصفهم الله سبحانه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون )إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون(.

والاستقامة هي الترك عبر عنها الرسول القائد حينما قال "قصمت ظهري سورة هود فقيل وما بها يا رسول الله، فقال : الآية التي تقول )واستقم كما أمرت(".

من هنا نعرف ان المجاهد الحق هو الذي يستقيم على الخط الذي سار عليه من دون أي انحراف وهو الذي يصمد أمام كل العقبات والأشواك التي يلاقيها صدفة او بتعمد. ومن هنا يمكننا ان نقول ان شخصية المجاهد هي شخصية فريدة من نوعها غير خاضعة لمقاييس البشر وتجاربه وبالتالي فهي مؤثرة ولا مؤثر فيها.

عودة

يمطنكم الحصول على الاعداد القديمةبمراسلة العنوان التالي
alresala@cyberia.net.lb