بسم الله ارحمن الرحيم

لماذا هذا الامل الزائف بالتغيير

مع تغير الرئيس يتوقع حدوث تغييرات في سياسة البلاد، لان الرئيس الجديد عادة يأتي الى الحكم لتطبيق سياسة جديدة املا منه بتحقيق وضع معيشي افضل لرعيته.

التغيير حالة سياسية متوقعة ماعدا في دول الخليج وبالخصوص البحرين، لانه ببساطة الحاكم القديم والجديد والذي سيخلف الجديد عديمي الطموح وهم من اصحاب الكروش القابضين على القروش لنهب كل بحراني.

ونحمد الله على ان الموت حق، لان الموت هي الضمانة الوحيد لتغيير الحاكم في منطقة الخليج، ومع موت عيسى بن سلمان اعتلى الحكم في البحرين حاكم جديد ومع انه اقسم بانه سيسير على نهج والده، الا ان بعض فصائل المعارضة تنبأت بحدوث تغيير في سياسة البلاد وذهبت حركة احرار البحرين بعيدا لتبرء الحاكم الجديد من اعتقال مايقارب الـ 180 شخصا منذ وصوله الى السلطة وذلك باتهام اجهزة المخابرات.

وتقول حركة احرار البحرين بان الحاكم يرغب في تغيير السياسة ولكن اجهزة المخابرات تقف حائلا امام ذلك(بيانات صادرة بتاريخ 15 و18 مارس 1999). نرجوا ان يكون ماتقلوه حركة احرار البحرين في بياناتها الاخيرة صحيحا، لاننا وباختصار نتمنى الخير لشعب البحرين.

ولكن تاريخ البحرين وممارسات آل خليفة تقنعنا بعكس ذلك، وببساطة نقول بان اظهار حسن النية يبدأ باطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين في سجون البحرين، وهو اول مطلب جماهيري، وهو الاسهل بين المطالب التي يمكن للحكومة تحقيقه.

الشيخ الجمري من المعارضين القلائل في تاريخ البحرين الذين ابدوا استعدادهم للتعاون مع السلطة مقابل تحقيق مطالب بسيطة، وهو الذي هدأ الغليان الجماهيري بعد ان اطلقت السلطة سراحه. والذي حدث هو ان السلطة لم تنفذ وعودها بل سجنته ولايزال مسجونا الى امد غير محدود.

الذي حدث للشيخ الجمري و الانتفاضة ليس بجديد في تاريخ البحرين، بتاريخ 28 اكتوبر 1954 ارسلت الهيئة التنفيذية للحاكم عريضة متضمنة مطالب شعبية. واهمها المطالبة بمجلس تشريعي منتخب، اعداد قانون مدني وجنائي من قبل لجنة من المحامين، اصلاح المحاكم وتعيين قضاة اكفاء وحق تكوين النقابات.

جاء رد الحاكم على عريضة الهيئة في تاريخ 3 نوفمبر باصدار اعلان جاء فيه:" ان انشاء مجلس تشريعيي غير ممكن". وفي 20 نوفمبر اجتمع اعضاء الهيئة مع الحاكم، فكرر رفضه للمطالب و رفض مناقشتها كما رفض موعد آخر للمقابلة.

حاولت الحكومة ارضاء الهيئة بحلول هي اقترحتها ولكن لم يكن ذلك مقبولا لاعضاء الهيئة. ولجأت الهيئة الى الضغط على الحكومة بتحريك الجماهير والدعوة الى الاضراب عن العمل، وبالفعل تجاوبت الجماهير مع الهيئة.

لجأت الحكومة الى آخر سلاح تمتلكه وهو المكر والغدر، يقول احمد الباكر في كتابه (ابدت الحكومة استعدادها التام للتفاهم، ولم اعلم بانها خطة مدبرة لاكتساب الوقت، وقد اتضحت نواياهم فيما بعد، فانهم كانوا يعدون العدة للقضاء علينا في الوقت المناسب. وكذلك خدع معي منصور العريض و احمد فخرو اللذان كانا يتعجبان للتساهل العظيم الذي كان يبديه الحاكم و مستشاره لحل الازمة بين الهيئة والحكومة)، و لما جاء الوقت المناسب وجد الباكر نفسه في المنفى والبقية في السجن. كما حدث تماما للشيخ الجمري، ومن لم يقرأ ويفهم التاريخ يقع في الخطأ الذي ارتكبه اسلافه.

حركة احرار البحرين واقعة في خطأ الثقة بالنظام، وهذا ما يؤكده البيانات الصادرة عنها. يقول البيان الصادر اخيرا (9 ابريل 1999) : "يعرف العالم ان شجاعة ابناء الانتفاضة الشعبية المباركة في قرارهم التاريخي بوقف الاحتجاجات في اثر وفاة الامير السابق مؤشر قوي على صدق مطالبهم العادلة وحبهم لبلدهم واستعدادهم للتعايش في الظروف القائمة المفروضة عليهم بالقوة والنار. ومازال ابناء البحرين الذي قاسوا على ايدي قوات القمع يعبرون عن ذلك الاستعداد بالهدوء والترقب. ان يد التعاون المدودة من الشعب الى الامير الجديد تحمل من الصفاء والصدق."

وترى حركة احرار البحرين ان الحل موجود في الدستور المعطل، "العقلاء يدركون ان مصلحة البلاد والعائلة الحاكمة وشعب البحرين لا تتحقق الا في اطار الدستور المكتوب الذي وقعه الامير السابق شخصيا (حركة احرار البحرين 9 ابريل 1999).

كيف يكون الحل في الدستور وهو لا يعطي الحرية لشعب البحرين لاختيار النظام الذي يرغب فيه، ولعل اكثر ابناء البحرين لا يدرون بان احد بنود الدستور يقول " مادة (1) فقرة ب: حكم البحرين وراثي، يكون انتقله من حضرة صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الى ابنه الاكبر ثم الى اكبر ابناءه وهكذا طبقة بعد طبقة، الا اذا عين الامير قيد حياته خلفا له ابنا آخر من ابنائه غير الابن الاكبر، وذلك طبقا لاحكام التوارث المنصوص عليه".

يجب ان لاننسى بان الحاكم الجديد هو احد اهم اركان العهد السابق الذي امر باعدام عيى قمبر و زج آلاف آخرين في السجون.  كما ان على حركة احرار البحرين ان تعرف بان اقصى ما تستطيع الحكومة تقديمه قد قدم وهو مجلس الشورى المعين.  والحكومة لا تعتقد بانها خسرت المعركة، فهي نجحت في اخماد الانتفاضة و سـلبت شعب البحرين فرصة ذهبية لتغيير الحكم  لا يمكن ان تتكرر الا بعد سنوات طويلة. و ان كانت حركة احرار البحرين تعتقد بخلاف ذلك فهو دليل عدم خبرتها في الامور السـياسية،

هذه بالطبع حالة  جديدة تسود بعض فصائل المعارضة البحرانية، وهي القبول بالنظام ومعارضته. حركات كثيرة تمر بهذا الحالة وتنتهي في احضان النظام، لانه من الصعب ابقاء الولاء للحاكم وللمحكوم، كما هو الحال مع ياسر عرفات فهو اقرب الى ارضاء اسرائيل من ارضاء الشعب الفلسطيني.

مراجعة سريعة للمآسي التي تعرض لها ومازال يتعرض لها رساليو البحرين، نفهم بان معارضة النظام الخليفي الجائر يكلف الكثير وبالتالي نقول اذا كان طلب مقاعد في البرلمان سيكلف شعب البحرين دماء زكية، اليس من الوفاء لشهدائنا و سجنائنا ان نجعل هدفنا هو تغيير النظام وليس مطالب دستورية فقط.

اذا كان البرلمان الذي تتوخاه حركة احرار البحرين شبيها لمجلس الامة الكويتي الذي لايملك صلاحيات حل مشكلة البدون، فكيف يستطيع محاكمة الحاكم على اخطائه ابسطها الهروب اثناء وقوع اعتداء اجنبي. وهو مجلس تحت رحمة حاكم الكويت قد يحل في اية لحظة. في البحرين مبررات المعارضة موجودة وشرعية، وعند القبول بالدستور تسقط شرعية المعارضة لانه ستصبح حكومة آل خليفة شرعية.

اصدار بيان رافض للنظام افضل من تقديم لائحة او عريضة او مبادرة، لانه في الرفض عزة وفي المبادرة استسلام.. هذا من تاريخ المعارضة البحرانية.

عودة